أترك حنونة تلكأ نفسها عندي حجري، وأمسك بالميكروفون، متأكدة من تفعيل خاصية إلغاء الضجيج، وأتخيل نفسي في ستديو تسجيل مجهز، وأشرع في الكلام بصوت إذاعي رصين. استغل حالة الخدر هذه، لأسجل حلقة في برنامجي الإذاعي الذي أبثه عبر الإنترنت.
يختفي صوت صعود وهبوط أنفاسها في التسجيل. تتلذذ هي بالنوم، الذي حرمتني من الغرق في متعته، منذ دخولها في حياتي في الأسابيع الثلاثة الأخيرة.
كل صباح، أتأكد من أن أوانيها نظيفة، أضع لها الطعام الجاف المخصص لها، واستمع لقرمشة أنيابها الصغيرة، أضيف الماء وأنفض السجاد، وأرتب السرير، واشرع في اللعب معها بالجرس، الذي يلبسها رداء الشقاوة.
أشعر بالذنب وأنا أودعها عند الباب، فما عينيها المستجديتين، تتوسل لي ألا أتركها.
“أكل العيش مُر يا حنونة، شوية وهرجع”
أعتني بحنونة، على الرغم أنني لم أحصل على إجازة في فنون الرعاية. أرعاها على أمل أن تعلمني هذه الهرة الصغيرة أنه من الآمن أن أتعلق بستائر الحب، دون قلق القفول والرحيل، ودون توقعات النهايات الأبدية السعيدة.